الأحد، 18 يونيو 2017

الاحتلال وتشكيل الوعي 1



الخبر وما وراء الخبر
قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي الخاصة اليوم باقتحام المسجد الأقصى المبارك وإغلاق المصلى القبلي على المصلين وإطلاق النار عليهم، بل تعدت ذلك وقامت بإخراج المصلين منه.
فعلياً هذا هو الخبر الذي تصدر الصفحات اليوم إلا أن لهذا الخبر ما وراءه

فماذا يعني اقتحام القوات الإسرائيلية الخاصة للمسجد الأقصى؟
وماذا يعني القيام بهذا الفعل في العشر الأواخر من رمضان في صباح أحد الليالي الفردية؟

اقتحام أحد أقدس الأماكن الإسلامية في أقدس أشهر العبادة لدى المسلمين في أحد أقدس ليالي هذا الشهر المقدس…
في ظل محاولات الاحتلال الإسرائيلي إلى فرض التقسيم الزماني على المسجد الأقصى ليكون هناك أوقات متساوية للعبادة فيه للمسلمين واليهود، وتفريغه للعبادة للمسلمين في أيامهم الدينية ولليهود في أيامهم الدينية، نجد ذلك جلياً في شهر رمضان المبارك، إذ يقوم الاحتلال الإسرائيلي بإعطاء المسلمين من الضفة الغربية التصاريح للدخول إلى المسجد الأقصى في أيام يحددها هو في التصريح، ويجعل الدخول للرجال فوق الأربعين عاماً وللنساء متاح دوماً، بل يتسامح  الاحتلال مع المسلمين ليسهل وصولهم إلى المسجد الأقصى.
في المقابل يحاول الاحتلال تفريغ المسجد بشكل تام من المصلين والمعتكفين فيه ليسمح للمستوطنيين "اليهود" الصلاة فيه واقتحام المسجد  في محاولة منه لتأصيل مفهوم التقسيم الزماني، ويكون ذلك في أوقات هو من يقررها ويحددها.
ونرى ذلك جلياً فيما حدث صباح اليوم، فهي رسالة غير مباشرة من الاحتلال مضمونها أنه المسؤول عن إدارة المسجد وأنه من يقرر من يدخل ومتى؟
ولو اضطر لاستخدام القوة لتفريغ المسجد من المسلمين ليدخل إليه اليهود ليقوموا بصلواتهم فسيفعل ذلك.
إلا أن الحقيقة التي لم يستطع الاحتلال ترسيخها، أنه لم يستطع أن يجعل ذلك أمراً واقعاً فهو لا يزال يضطر إلى استخدام قواته الخاصة لإخراج المسملين منه، وإثبات حق اليهود بوقت للصلاة فيه، ويحاول ترسيخ هذه الفكرة في أقدس أماكننا في أقدس أشهرنا في أقدس أيامنا، ليثبت أنه صاحب القرار على أرض المسجد.

ماذا يريد الإعلام لنا أن نرى؟

هو ببساطة يريد أن نرى أن المصلين في المسجد الأقصى في وقت صلاة اليهود قد ضربوا وسالت دمائهم وقد يكون منهم من اعتقل، ومنهم من أُخرج من المسجد بالقوة.
كما يريد أن نرى المسجد الأقصى المبارك وكأنه ساحة حرب.

وماذا يعني أن نرى ذلك؟

يعني أن يفكر أحدنا ألف مرة قبل الذهاب إلى المسجد في أوقات صلاة اليهود، والاكتفاء بالتواجد في الأوقات التي يسمح لنا الاحتلال فيها أن نصلي، وفي حال قررت قوات الاحتلال تفريغ المسجد أن نخرج منه دون مقاومة.
ويعني أن من يريد الاعتكاف في المسجد أن يفكر بعواقب سلوكه لأنه لن يحظى بالهدوء والسكينة التي يريدها في المسجد الأقصى، بل عوضاً عنها هناك أشبه بساحة حرب، قد يتضرر جسدياً ونفسياً وروحياً من ورائها.
ويعني أن يمنع الآباء والأمهات شبابهم وفتياتهم من الذهاب إلى المسجد للاعتكاف فيه والرباط فيه، لأن هناك ثمناً ستدفعه العائلة كاملة.

وماذا يعني أن نعي ذلك؟
يعني أن نكون شركاء في تقسيم المسجد زمانياً بل وتأصيل هذا المفهوم، إذ يصبح المسجد بطبيعة الحال فارغاً من المسلمين في أوقات صلاة اليهود، فلا يحتاج الاحتلال إلى أن يفرغ المسجد أو أن يستخدم القوة، وبذلك نسهل المهمة على المحتل.

ماذا نريد؟

قد تكون أهم حاجاتنا في الوقت الحاضر هو إعلاميين محترفين يحملون قضية المسجد الأقصى والقدس، ويعون تمام الوعي كيف تنقل الصورة وماذا تعني، وهذا ما يقوم به عدونا ليستطيع أن يشكل وعينا، فدون ذلك، ستبقى صور الهزيمة والانكسار هي التي تسيطر على شاشاتنا ومما يعني أننا أصبحنا بشكل واعي أو غير واعي، نميل إلى الفعل المستكين بدل الفعل المقاوم.
نريد من ينقل لنا صورةً والخبر بطريقة تعزز لنا الفعل المقاوم لا تقضي عليه، أن يتشكل في أذهاننا أن "المقاومة" هو فعل واجب نفخر به وندفع بأنفسنا وأبنائنا إليه، لأنه لاحقاً سيشكل مستقبلنا، لأن المقاومة فعل حرية وكرامة.
فالمحتل اليوم هو من يقرر متى ندخل مسجدنا، ومتى نخرج منه، ومن يسمح له بالدخول ومن لا يسمح له، ومتى تفتح أبوابه ومتى تغلق.

في الوقت أن المسجد الأقصى هو مقدس إسلامي خالص لا يشارك أحد من المسلمين فيه أي حق، سواء كان حق ديني أو تاريخي أو قانوني أو سياسي.

السبت، 8 أبريل 2017

في نظرة الآخر لنا ونظرتنا لأنفسنا

تقوم فكرة الاحتلال على تدمير التراث الثقافي والحضاري والتاريخي للشعوب المحتلة... لتبرير تصدير الثقافة "المتقدمة" لهم وهم على أرض الواقع لا يقومون إلا بتدمير ثقافة الشعوب وحضارتها...
فما يهدف إليه الإحتلال هو إبقاء هذه الشعوب دون أي شكل من أشكال الثقافة او الحضارة، وإنما نزعها منهم وإبقائهم دون هوية حضارية.
وهم في ذات الوقت ينظرون إلى الشعوب "في العالم الآخر" نظرة دونية نظراً لاعتقادهم بـ"تفوق عرقهم الأبيض" ويتجلى ذلك في الاحتلال الصهيوني لفلسطين حيث يُنظر الى الشعب الفلسطيني على أنهم كائنات شبه حية (زومبي) وأنها أرض مفرغة من الإنسان... واستخدم هذا التبرير في كثير من المجازر وعمليات التطهير العرقي والإبادة الجماعية، وحتى استخدام عبارة "أرض بلا شعب" ويكأنه تعبير عن عدم وجود الإنسان على أرض فلسطين وكانت هذه العبارة احد أهم المبررات التي سمحت بعمليات الهجرة إلى فلسطين وإقامة وطن قومي لليهود فيها.
كما يُنظر كذلك إلى الحضارة الإسلامية على أساس أنها حضارة الهمجيين وان الاعتزاز بها ما هو إلا شكل من أشكال التخلف والرجعية.
عندما ينظر إليك "الآخر" بهذه النظرة لا ضير في ذلك فأنت تمثل له حالة من حالات العداء الدائمة منذ عقود، ولنقل بأنه يريد التخلص منك بأي طريقةٍ كانت، إلّا أن الأسوء من ذلك هو أننا كـ"شعوب عربية" انعكست علينا هذه النظرة باتجاهين:
الأول: أصبحنا نؤمن بتلك النظرة الدونية إلينا.. وتتعمق نظرتنا الدونية إلى أنفسنا لننظر إلى كل ما هو "غربي" على أساس أنه التقدم والحضارة... وأن ما يأتينا من خلالهم هو ما يتوجب علينا القيام به...
رغم إدراكنا أن الغاية من حضارتهم تختلف تماماً عن الغاية من حضارتنا... وأن الهدف من حضارتنا مختلف تماماً عن حضارتهم، فمركز حضارتنا هو "الإنسان" والرقيُّ به، فلذلك يختلف تعاملنا مع الأدوات فيما حولنا، كما أن حضارتهم تتمركز حول الفرد، أما حضارتنا فتنظر نحو المجموع دون أن تهمل الفرد.
وثم نصبح نقتبس الأشياء بأشكالها ودون عمقها الحضاري... ودون أن نضيف لها توجهاتنا الحضارية المركزية، لتصدر إلينا مزيداً من الفرقة ولتدمر مزيداً من حضارتنا وثقافتنا...
والثاني: أصبحنا ننظر إلى بعضنا البعض بهذه النظرة الدونية... التي سعى الاحتلال بكافة أشكاله لتعميقها بيننا... فأصبحت كل "قومية" تنظر إلى الأخرى على أساس أنها أدنى منها ثقافةً وحضارةً وتقدماً...
بل يتجاوزنا الأمر لنصف بعض القوميات بـ"التخلف" أو "الغباء" أو "الكسل"، تماماً كما يقوم المحتل بوصفنا والتعامل معنا...
وننسى أو نتناسى أننا باختلاف أجناسنا وقومياتنا وألسنتنا وألواننا ساهمنا في بناء حضارتنا الإسلامية، لمدة تزيد عن أربعة عشر قرناً، في الوقت الذي كانت تسبح به الدول الأوروبية في مستنقع الحروب والجهل، وهنا يظهر الفرق جلياً بين فتوحاتنا الإسلامية والتي كانت تصدر العلم والنور والعقل للمجتمعات باختلافها وبين الإحتلال الذي يحاول تجهيلنا يوماً بعد يوم...
لم تكن الشعوب العربية والإسلامية يوماً دون حضارة، ولم تكن كذلك شعوب همجية، فدعونا لا نؤمن بما يقولوه عنا، بل أن نعيد بناء حضارتنا تلك الحضارة التي وسعت العالم أجمع في يومٍ من الأيام.

الجمعة، 10 يونيو 2016

تدينٌ ولكن أين الدين؟

غريبة هي الطريقة التي نتعامل فيها مع الدين، فنحوله من منهج حياة يجب أن نعيشه كل يوم وكل لحظة إلى مجرد عبادات قد تخلو كثيراً من الأحيان حتى من روح العبادة.
فإذا كان الدين الإسلامي -على وجه الخصوص- يتكون من 70% من المعاملات والأخلاق و 30% من العبادات بما فيها أركان الإسلام، فماذا يعني تركنا لل 70% والتي تمثل حقوق الناس والمجتمع والتزامنا بـ 30% والتي تمثل حقوق "الله"، و"الله" قد امرنا بإعمار الأرض.
في رمضان...
يتجه معظم الناس بغض النظر عن شكل حياته اليومية قبل رمضان نحو التدين الذي أطَّرَهُ له المجتمع من صلاة وصيام وقراءة القرآن والذكر، وهو فعل محمود.
إلا انه على الصعيد الآخر...
ما الفائدة إن كنا نصلي ونغلق الطريق على باقي المارة والسيارات؟
أو ما الفائدة من غطاء الرأس إن كانت الفتاة تظهر مفاتنها؟
أو ما الفائدة من الصيام إن أصبحنا أكثر عنفاً؟
أو ما فائدة قراءة القرآن إن لم نعظم الله في قلوبنا؟
او ما فائدة الذكر إن قصرنا في عملنا؟
أعتقد أن علينا ان نخرج من إطار التدين "الشكلي" فقط إلى إطار التدين الفعلي بأن نحول الدين الإسلامي إلى منهج حياة نعايشه في كل لحظة من لحظات الحياة، فهو ليس مجرد صلاة وصوم وحجاب بل هو أعمق من مجرد حركات نقوم بها، وأجلّ من أن نحصره في إطار أبتدعناه له.
نعايشه في إتقاننا لعملنا، بكف أذانا عن الناس، بوعي السبب وراء العبادات ولماذا نقوم بها، وإن فعلنا ذلك وخرجنا من ذلك الإطار نعيد لأمتنا بعضاً من نهضتها...

فالعلم والمعرفة عبادة.
والخلق الحسن عبادة.
وكف الأذى عبادة.
والرفق بالأطفال عبادة.
والجهاد عبادة.
والإتقان عبادة.
وكظم الغيظ عبادة.
والكلمة الطيبة عبادة.
فإذا كان الصحابة يقومون بفتوحات في شهر رمضان بغض النظر عن حرارة الجو وطول النهر، فالأولى لنا أن ندعو الله أن يرزقنا فتوحات من عنده، فتوحات روحية، فتوحات عقلية، فتوحات فكرية، فتوحات قلبية، لنصل بها إلى حقيقة الإيمان، وحقيقة الدين.
لن أنتقد سلوكيات بحد ذاتها نقوم بها خلال أيام الشهر الفضيل، ولكن كل ما أرجوه أن نوسِعَ مداركنا لعلنا ننال بعض هذا الدين ببركة هذا الشهر الفضيل.
أن لا نكتفي بالصلاة والصيام والذكر -على أهميتهم- بل نرقى بأرواحنا وقلوبنا وعقولنا ونرنو إلى حقيقة الدين الإسلامي.

الجمعة، 6 مارس 2015

حين يجمعنا الفراق

"أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ"
عجيبٌ أن ترد هذه الآية في آيات الطلاق، ولكنها تحوي حقيقةً في طياتها منهج حياة...

عد بذاكرتك إلى ذلك اليوم الذي دخلت فيه ذلك المكان (سواء مكان عمل أو بيت صديق أو بيت فتاة تريد خطبتها) أنظر إلى نفسك في تلك اللحظة يعلو وجهك قليلٌ من الخجل، كثيرٌ من الرهبة، تريد أن تحظى بقبول واستحسان أصحاب المكان لتحظى بذلك العمل أو تلك الفتاة أو بذلك الشخص صديقاً.
وتسير الأمور كما تريد وربما أفضل... وتحظى بما كنت تريده حقاً... انظر إلى وجهك مرة أخرى والسعادة قد ارتسمت عليه..
تمرُّ الايام... تعرفهم أكثر وتعرف المزيد من الأسرار..
ويحدث انك لا تحظى بالنهاية السعيدة التي قد رسمتها سابقاً.. فتضطر لتركهم أو إنهاء العلاقة بينك وبينهم...
ولكن كل منكم يعلم عن الآخر ما يجب وقد يعلم ما لا يجب أن يعلمه... وتحين لحظة الفراق... فبدلاً من أن نترك القلوب وقد علق ما فيها من ذكريات حبٍ جميلة... نبدأ بجرحها والتكلم عن سيئاتها وتجريح ذلك الإنسان وربما طعنهم في ظهورهم ظناً منا أننا ننتقم منهم ولا نعلم حقيقةً أننا ننتقم من أنفسنا...
وهُم قد أعطونا من قلوبهم حباً وفرحاً، ومن أرواحهم علماً وأملاً... حتى أننا لم نعد اليوم كأول يوم قابلناهم فيه... ويكفي أنهم صنعو لنا صوراً من ذكريات جميلة... وأيامٍ لن ننساها... مرت بحلوها ومرِّها..
فهل نصل من الظلم على أنفسنا أن نكسر قلوبهم وأن نعض اليد التي احتضناها يوماً؟!

نعم "أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ"
رددها مراراً وتكراراً "أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ"
هل يستحقون منك كل ذلك... أم يكفي أن تغادرهم والحب والذكريات الجميلة تملأ قلبك وقلوبهم؟؟
"أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ" اتخذها منهجاً حتى ترى الحب والجمال بقلبك قبل عدوك...

انظر إلى وجهك الآن وقد غادرتهم والرضا يملأ روحك... والحب يملأ قلوبهم...
وقد غاردتهم وكلٌّ منكم سعيد بالنهاية الراقية كتلك التي ابتدأتم بها المشوار...

"أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ"  منهج حياة يجعل واقعنا وماضينا ذو رونقٍ أبهى..

الجمعة، 13 فبراير 2015

جَميلٌ بطفولته، رديءُ بطبيعته

بصوته الرديء بطبيعته، الجميل بطفولته، كان يغني لي كلما دخلت غرفته "عبر عن نفسك.. قول الي بنفسك"
ولا يمل ولا يكل من ترديدها بل أنه قد يرفع صوته أحياناً لظنه أنني لم أسمعه...

العجيب أنني طالما سمعتها بأذناي رغم انخفاض صوته أحياناً... إلا أنني حديثاً بدأت أدركها وأرددها كما كان يفعل معي..
تارةً بصوت منخفض وتارةً أخرى أرفع صوتي بها... وها أنا أصوغها كلمات...

عجيب أمرنا نحن بنو البشر... نملك من المشاعر ما يميزنا عن باقي المخلوقات من حب وحنان ورحمة وألفة و وِدّ...
وتلك المشاعر كفيلة بأن تجعلنا سعداء... نعيش الحياة ببساطتها في راحة وهناء...
نملك القلب والروح.. نملك مركز الإحساس.. نملك الإنسان بكل مشاعره الجميلة...
فلماذا نجعل تلك المشاعر حبيستنا ولا نملأ الأرض فيها حباً وحياة؟؟
هل ترانا وهبنا عُمران؟؟ عُمرٌ نعيشه لنضيع مَن نُحب وعُمرٌ آخر نعيشه مع من نُحب؟؟
أم ترانا وُهبنا حياتان؟؟ حياةٌ نضيع فيها الحب وحياةٌ نجد فيها المحبوب؟؟

ذكراً كنتَ أم أنثى... كبيراً أم صغيراً... عربياً أم أعجمياً... لا فرق

فالحب واحد... ولا تسستحق الحياة أن نعيشها بألم الفراق ولوعة الشوق...

لقد وهبنا حياةً واحدة وعمرٌ واحد ومحبوبٌ ملأَ القلب فرحاً وسعادة... 
ونختار بملإ إرادتنا أن نعيشها بعيداً عنه...
لأن كلاً منا ينتظر الآخر أو تحت أعذار وحواجز فرضها المجتمع علينا كـ

" أنت فتاة.. يجب أن يبادر هو"
وهل زوجة موسى حين قالت لأبيها "يأبت استئجره" كانت مخطئة؟؟
أم أن خديجة حين أرسلت جاريتها إلى أشرف الخلق تريده زوجاً أخطئت؟؟
لم تخطئ أياً منهما وجارَ علينا المجتمع حين قال أن عليه أن يبادر وحين علّمَه أن لا يحترمها إن بادرت..
لم تكن أياً منهما رخيصة بل كانت من أشرف النساء... وعلمت أن هذا الرجل هو من سيصونها فاختارته زوجاً وعبرت عن حبها بطريقتها...

بل وصل فينا تقييد المشاعر إلى أن يخجل الأب/ الأم أن يحضن أبنائه.. أو أن يقبلهم هكذا دون سبب يذكر، أن يرسل إليهم رسالة محبة أو أن يهمس في آذانهم بأنني "أحبك"
ويكأن التعبير عن المشاعر أصبح جريمة نحاسب عليها...

وأصبح الشاب ضحيةً أخرى من ضحايا المجتمع.. فقبل أن تفكر بالحب...
أين المهر؟؟ وأين البيت؟؟ وأين السيارة؟؟ ومن أين ستأتي لها بالهدايا؟؟
والافضل لك أعني "الأوفر" لك أن تعبث بمشاعر فتاةٍ في مقتبل العمر...

لن نعيش عُمران ولا حياتان ولا حتى دهران....
اذاً لنعيش الحياة كما نحب... مع مَن نحب.. لنخبرهم بأننا نحبهم...
لنعبر عن حبنا بطريقتنا الخاصة... بحضنٍ دافئ... بقبلةٍ صغيرة... بهديةٍ بسيطة...
بأن نتشارك أحلامنا، همومنا وأمانينا...
بكأسِ شايٍّ ساخن يعيد إلى أرواحنا وقلوبنا دفئ الحب...
لنعيش الحياة بجنونا... بفطرتنا... بكل الحب الذي وضعه الله في قلوبنا...
مانحتاجه لحلّ جميع مشاكلنا حقاً هو "الحب"... وأن نعبر عن ذلك "الحب"

في يومٍ من الأيام سنتحول إلى ذكريات... فلتكن ذكرانا الحب...

http://youtu.be/ItwOHDzA8mE

الاثنين، 9 فبراير 2015

بحثاً عني

عجيبٌ هو أمرُ هذهِ الحياة تأخذنا من شاطئ لترمينا في أعماق المحيطات.. فلا نلبث أن نجد أنفسنا غرقى... محاطين بالماء من كل جانب..
نحاول أن ننجو ونعلم أن لا طاقة لنا بالنجاة ما لم يرافقنا "الله" ويحيطنا برعايته..
فنبدأ بحثاً عن أنفسنا لعلنا نجد "الله"...
تبدأ الرحلة وكم هي صعبة قاسية والأمواج تلاطمك من كل مكان، ولا تكف كائنات البحر عن تثبيطك ووصفك بالابله، ولا يعلمون أنك في طريقك إليك...
وتستمر الرحلة وداخلك تريد فقط أن تصل إليه أن تشعر بوجوده ها هنا بقربك في كل وقت ومكان... تريد أن تسلم له بكلك... تريد أن تكون نفسك "العزيزة" مستسملة له ولإرادته...
يعلم هو تمام العلم بأن "الألم" قد يشكل نقطة تحول فارقة فيك، قد يقودك إلى الكفر المحض أو الإيمان المطلق، فتجد نفسك في عاصفة من الألم، تغوص في أعماق روحك، تصرخ روحك بأنني قد جئت بحثاً عنك فلا تفقدني ما لدي، تريد أن تبكي وأن تصرخ بصوت عالٍ بأنني أريدك معي ها هنا...
وحاشاه.. حاشاه أن يردك عن بابه وقد جئته طارقاً بشغف... فيملأ روحك وقلبك يقيناً بأنني ها هنا فقم إلى ما جئت إليه...
 تراه في كل مكان... في نبع ماءِ خرج في أعماق الصحراء.. حيث لا تتوقع وجود كائنات أصلاً.. إلا أنه هو الخالق وهو يعلم أين خلقه ويعلم ما يحتاجه الخلق فييسره لهم...

"إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ"


وتتجلى تلك اللوحة أمام ناظريك... السماوات والأرض والجبال... وأنت "الإنسان"...
ويقول لك أنت أعلى من السماء, أكثر خضرة من الأرض وأشد ثباتاً من الجبال، وتضيف اللوحة بحراً على امتداد البصر يخبرك بأن الحياة مليئة بالأسرار وستتعلم الكثير...
فامضِ لما خلقت له...
هل تُراه خلقنا ليعذبنا؟؟ حاشاه حاشاه...
ابحث عنه فيك.. في خلقه.. فيما خلق حولك..
ابحث عنه بقلبك وروحك وعقلك...
ابحث عنه بيقين وحبً وأمل... واعلم أنه لم ولن يكون يوماً في السماء فقط... ولم ولن يكون في وقت دون آخر..
وإنما هو معكل في كل مكان وزمان... لا يفارقك ولا يدعك وحدك..
لم تنتهي الرحلة بعد وستستمر ما استمر وجودي...

وفي يوم من الأيام سأصل إلي حيث سأجد "الله"

الثلاثاء، 11 مارس 2014

لقاء عابر


يكلمك عنها... يكتب كلماته مخلوطة ببعضِ من عبراته وكتير من مشاعره في تلك اللحظات..
تعيش معه الكلمة وكأنها دهراً
تسأل نفسك: كيف تحمل قلبه كل هذا الألم؟؟ فيجيبك: بأنه يهون في لقاء المحبوب
يخبرك أن نبضات قلبه قد توقفت؟؟ واكاد اسمعها من شدة اضطرابها لم يعد يشعر بها

فها هو يقترب أكثر من لقائها
يعرفها جيداً... نعم يعرفها... فقد حفظ مداخلها ومخارجها وعن ظهر غيب رسم مبانيها...
وها هو اليوم يعد تلك البلاطات التي طالما حلم أن يمشي عليها... ليلقاها..
أخيراً... ها هي تتجلى أمامه...
"هسهست" يهذه الكلمة عبر عن ما اصابه من هول أو حلاوة اللقاء...
وربما الشوق في تلك اللحظة قد وصل الذروة فلم يستطع دماغه تحمله...

وأخيراً تتجلى أمامه "قبة الصخرة" وتسيطر عليه حالة "الانبهار".. فهاهي بجماله، تاريخها، اتقانها، تفرض عليه سطوتها، لتقول له ألا أستحق منكم العناء؟؟
ويرد عليها بجوارحه بأنك "والله تستحقين" وأنك لا بد أن تعودي "حرة"
يخبرك عن كل المتناقضات... عن الحب والبغض، عن الجمال والقبح، عن الشك واليقين، عن الحرية والاحتلال، عن الحضارة والتقدم، ففيها فقط يرتاح التناقض.
فهو لا يراها كأي "مدينة" ومن خلالها يرى يومه وغده وقد كانت دوماً "جزءً منه"
ولا يخالجها شك بأن "حبه" لا بد "أن يعيدها" مهما طال بهم الحال.
 
مستوحاة من:علاء عميرة

الثلاثاء، 19 نوفمبر 2013

قَليلٌ مِنَ الحُّريَّة كثيرٌ مِنَ الإِنسانيَّة: مِن مُذَكراتي #3




اليوم الثالث: الخميس 15\11\2012
 

ثلاثة هم رفاق كفاحي أو بالأحرى رفاق ثورتي،هم: أختي "عهود"، صديقتي "فاطمة"، وحقيبة العمليات الخاصة.
تعرفتم على "عهود" و"فاطمة" أما "حقيبة العمليات الخاصة" فهي حقيبة ظهر ابتعتها من تركيا، كنت أضع فيها التالي: الماء والخميرة -وقد أثبتت فعاليتها لعلاج الغاز المسيل للدموع-، البصل، كحول، شاش، مسحات كحولية، لصقات جروح، لاصق طبي، قناعات، وبيبسي (والذي يستخدم أيضاً لعلاج الغاز المسيل للدموع)، يعني اسعافات أولية.
في هذا اليوم خرجت أنا و"عهود" أما "فاطمة" فوصلت متأخرة.
بدأت المظاهرة في تمام الساعة السابعة، وفي تمام السابعة وعشر دقائق كانت عمليات القمع قد بدأت واليوم كانت شرسة جداً فقد لا حقنا الدرك بين البيوت، وفي الشوارع الضيقة لرمي الغاز المسيل للدموع علينا.
عندما بدأت المظاهرة كانت خلفي إمرأة مع ابنتيها وابنها، وكنت قد أخبرتهم بمجرد سماعكم صوت مثل الطخ، غطوا أنوافكم واهرباوا ولم أنهي حتى طبقوا ما قلت، دعني أقف هنا قليلاً وأسألك: لماذا يا ترى إمرأة تعرض أبنائها للخطر وتخرج لتتظاهر معهم؟؟ إنها تعلمهم الحرية على أرض الواقع لا مجرد كلمات تتلوها عليهم قبل أن يناموا
ولماذا يا ترى خرجت بأهل بيتها؟؟ لأنها ضاقت عليها الحال فلم تعد تحتمل أن تصمت بعد اليوم، وأرادت أن يسمع كل العالم صوتها، أعتقد أن أولاد هذه المرأة لن يعرفوا يوماً ذلاً فقد أذاقتهم أمهم طعم الحرية.
 وما ان دخلت أول شارع حتى شاهدت فتيات على الأغلب أنهن من الاتجاه اليساري على الأرض غير قادرات على التنفس وعيونهم حمراء، فما كان مني إلى أن أخرجت علبة الماء والخميرة وبدأت برشها على وجوههم لتيحسنوا، اما عهود فقد كانت على بعد أمتار مني وتناديني، وحقيقة لم أعرها أي انتباه لسبب بسيط أني مشغولة بهم، وعندما انتبهت كان الدرك على بعد أمتار مني وكانت تحاول تحذيري، فأمسكت يدها وركضنا، واختبئنا خلف سيارة ولكن قنابل الغاز المسيل للدموع كانت تنهال علينا من كل جانب، فاضررنا الهرب أكثر، في أثناء ركضنا وجدنا مجموعة من الشباب، فعلياً أجمل شعور قد تشعر به في مثل هذه المواقف هو تلك المشاعر الأخوية التي تعالت فوق كل حدود التمييز وتوحدت تحت راية الوطن، لا أعرف هؤلاء الشباب وهم كذلك لا يعرفونني، لا أعرف اتجاهاتهم ولا أعرف أفكاره وانتمائاتهم ولكني أعرف عنهم حقيقة واحدة أنهم خرجوا وأتوا إلى هنا لسبب واحد هو "الحرية"، ومن يطلب "الحرية" يتخلق بأخلاقها.
 ولكنهم كانوا حريصين على أن لا يصيبنا أي أذى وأنا كذلك كنت فقد كان أحدهم غير قادر على الرؤية من الغاز فقلت له أن يخلع نظاراته ورششت الماء والخميرة على وجهه ولكن الرشاش خانني هذه المرة ولم يرش فيبدو أنه تعطل، وكان الدرك خلفنا فقال لي: "امشي بعدين بترشي"، وعندما ابتعدنا قمت بفتح العبوة ووضع الماء والخميرة بين يديه ليمسح وجهه.
توجه الشباب الذين معنا ودخلوا لصلاة العشاءوقالوا بعد الصلاة نعود، فبقيت أنا و"عهود" خارج المسجد ننتظرهم، فلما تأخروا قررنا الاتجاه نحو شركة المياه في جبل الحسين وكلما توجهنا نحو شارع وجدنا الدرك فيه ويلقون الغاز المسيل للدموع على الناس، حتى أن المارة قد اختنقوا من رائحة الغاز ويقال أن الغاز قد دخل البيوت هناك وهذا منطقي فقد رموا غاز يكفي أن يخنق الأردن بأكملها، في أثناء مسيرنا وجدنا فتيات يتجهن إلى ذلك الاتجاه فمشينا سوياً وعندما وصلنا الشارع الرئيس كان الدرك يمشي للأعلى وقد حاصر الشباب من جهتين، لم أخف يومها رغم تحذيرات الشباب وتحذيرات "عهود" التي ترافقني طوال الطريق، ولكنني أخبرتها أنني جئت لأجل "وطني" فلن أعود.
يبدو أن " الخوف" وضعناه في بيوتنا قبل ان نخرج فلم نخاف أو نهاب من "الدرك" أو غيرهم بل كنا على استعداد تام لنموت ولا نأبه مادام أننا سنحيي "وطناً"، وماهي إلا دقائق معدودة حتى تجمع الشباب مرة أخرى لنعاود الهتاف، وليعود الدرك ويستخدم نفس الأساليب الرخيصة، ولكن ماذا يفعلون بشباب عشقوا "الموت" كعشقهم أن "يعيشوا بكرامة" فكلاهم متساوٍ عندهم، فما معنى أن نحيا بـ"ذل"؟؟ ويكمن سر الحياة في أن نحيا "كراماً"
قبل أن نتجمع مرة أخرى وصلت "فاطمة" وكلمت صديقاً لنا فأخبرها بانهم توجهوا نحو "الديوان الملكي" حاولنا اللحاق بهم ولكنهم كانوا يتقدمونا بكثير، فكلمت صديقاً آخر وهو أحد الشباب المشاركين معنا، فأخبرني أنهم قد تجمعوا في "جبل الحسين" فذهبنا إليهم، واستمرت كما العادة عمليات "الكر والفر" إلا أن قررنا اللحاق بمن ذهب إلى الديوان، وفعلاً بدأنا المسير، وما أجمل أن تمشي بين الأحياء وأنت تهتف، فأنت "تحيي" أناساً، نسوا معنى أن يحيوا "كراماً".
في أثناء المسير وعلى شارع الأردن بالذات مرت ثلاث مدرعات للدرك، وكلمنا صديقنا الذي وصل الديوان وأخبرناه بأن "القوات الخاصة" قد أتت إلى منطقة الديوان، ولم نخف أيضاً وواصلنا المسير إلا أن وصلنا هناك، إلى "الديوان الملكي، وعينك ما تشوف إلا "النور".
قد تشعر نفسك في ساحة للقتال ولكنك أبداً لن تشعر أنك في وطنك، فهل يعقل أن يقتلك وطنك؟؟ هل يعقل أن يتحول وطنك إلى سجنٍ كبير؟ هل يكون وطنك مقبرة الحرية؟
هي كأرض المعركة، ولكنها معركة بين ظلم وحرية، بين كرامة وذل، ولكن للأسف أنها بين أبناء الوطن الواحد، يعيشون على نفس الأرض ويتنشقون نفس الهواء، حتى انهم يسجدون على نفس التراب ويرفعون أيديهم إلى نفس السماء.
كنا فعلياً في منطقة كالوادي، من أعلى الجبل هناك "بلطجية" يرموننا بالحجارة، وبعيني رأيت سيارات الدرك تمر من خلفهم لتنزل من الجهة الأخرى ويبدأ حصار من ثلاث جهات من الأمام والخلف والمنفذ الوحيد غير الشارع الرئيسي أيضاً مغلق بقوات الدرك، قبل أن يبدأ الهجوم الأخير أخبرت "فاطمة" أنني وعهود قررنا أن نعود للمنزل فقد تأخر الوقت، وانطلقنا من الجهة المعاكسة ولكن على الشارع الرئيس فوجدنا قوات الدرك تمطرنا بقنابل الغاز والمرور من هناك شبه مستحيل، عدنا إلى "فاطمة" وأخبرناها الخبر، بقيت هي مكانها واخترنا أن نغادر من الشارع الفرعي، وما أن مشينا به إلا وقوات الدرك تمطرنا بالغاز المسيل للدموع، سألت أهل البيوت هناك إن كان هناك منفذ فأشاروا إلى درج يقودنا إلى الأعلى.
صعدت الدرج أنا وعهود، ويبدو أن درج يؤدي إلى درج، لم أكن أعرف المنطقة، مما فرض علينا أن نسأل كلما مررنا من شخص، كان هناك شاب يجلس على عتبة الدار وينهي سيجارته سألته عن الطريق، فجاء صوت من خلفي يقول:
"تعالي يا أختي، أنا بعرف الطريق، امشوا معي"
كان هناك تنبيه عن اعتقالات تتم من قبل مدنيين، ولا أدري لماذا وثقت به ولكن يبدو أننا تنشقنا نفس ريح الحرية، فشعرت بحريته، فوثقت به، مشينا معه وكان معه مجموعة من الشباب لا تتجاوز الخمسة، وما أروع روح الشباب!
أو أن شباب وطني يملكون روحاً محلقة، تسمو على كل المعاني الأرضية، فكان أحدهم ينشد "يا يما عتمات السجن" لفريق الوعد، وما اجمل ذلك الصوت الذي صدح بكل الحب والحق، والذي أضحكني أنه لم يكن قربنا غاز مسيل للدموع، ولكنهم كانوا يشمون البصل وكانهم يحملون ياسميناً، ويبدو أن البصل هو ياسمين وطني.
وصلنا إلى طريق مغلق وعلى يمينه درج ، فأخبرت الشاب بأننا سنخرج من هنا إلى الشارع الرئيسي، فسألني أين نسكن وأخبرته، فقال لي أنكم تسكنون قربنا لا بأس سأوصلكم، فكرت كثيراً قبل الرد، وأكثر ما خفت منه هو الاعتقال، همست في أذني عهود، وقالت: تأخر الوقت كثيراً، لا بأس إن أوصلنا فوافقت.
عندما ركبنا في السيارة طلبت منه أن يعرفني عن نفسه إن أراد فوافق وعرفته عن نفسي، طوال الطريق لم ينطق أحدنا بحرف واحد، كان الصمت هو سيد الموقف، ربما أن كل منا حلق بأفكاره لما حدث، أو صابته صدمة فكرية، أو أنه يعيد حساباته، ولكن ما كنت واثقة منه أن كل واحد منا كان في عالم مختلف.
عندما وصلنا البيت شكرته على ذلك، فقال لي: انتو يعطيكم العافية، كنت أتوقع أن يلومنا ولكنه شكر ذلك فينا، على الأقل بدأ شباب وطني يتقبلون وجودنا كـ"فتيات" إلى جانبهم لنحصِّل حقوقنا جنباً إلى جنب، وأن هذا الوطن وطننا جميعاً باختلافنا وعلينا جميعاً أن نكون يداً واحدة لنحصل على "بقايا كرامتنا".
انتهى هذا اليوم بقسوته، وهل تعلم مقدار الجرح الذي تزرعه الأم في قلب طفلها؟؟ هو نفس الجرح الذي زرعه وطني في قلبي، جرح أعمق من أن يؤلم فهو وصل مرحلة النزيف، نعم لقد كان وطني يؤلمني، بسبب وطني بكيت، بسبب وطني انتفضت وكان لدي إصرار لأكمل الطريق، هم لم يعرفوا يوماً حب الوطن أما نحن فعشقنا الوطن عشقاً حتى أصبحت ذرات أجسادنا تهتف باسمه، وأرواحنا سكنت أرضه قبل سماه.
عندما علمت أمي بما حدث معنا قررت "أنه لا مسيرات بعد اليوم" وقرار مثل هذا بالنسبة لي أن تمنع عني الهواء، فالحرية هي هواء الروح، وبقيت إلى وقت متأخر احول إقناعها حتى يبدو أنها وافقت مضطرة، أو تحت ضغط كبير مني.