الجمعة، 10 يونيو 2016

تدينٌ ولكن أين الدين؟

غريبة هي الطريقة التي نتعامل فيها مع الدين، فنحوله من منهج حياة يجب أن نعيشه كل يوم وكل لحظة إلى مجرد عبادات قد تخلو كثيراً من الأحيان حتى من روح العبادة.
فإذا كان الدين الإسلامي -على وجه الخصوص- يتكون من 70% من المعاملات والأخلاق و 30% من العبادات بما فيها أركان الإسلام، فماذا يعني تركنا لل 70% والتي تمثل حقوق الناس والمجتمع والتزامنا بـ 30% والتي تمثل حقوق "الله"، و"الله" قد امرنا بإعمار الأرض.
في رمضان...
يتجه معظم الناس بغض النظر عن شكل حياته اليومية قبل رمضان نحو التدين الذي أطَّرَهُ له المجتمع من صلاة وصيام وقراءة القرآن والذكر، وهو فعل محمود.
إلا انه على الصعيد الآخر...
ما الفائدة إن كنا نصلي ونغلق الطريق على باقي المارة والسيارات؟
أو ما الفائدة من غطاء الرأس إن كانت الفتاة تظهر مفاتنها؟
أو ما الفائدة من الصيام إن أصبحنا أكثر عنفاً؟
أو ما فائدة قراءة القرآن إن لم نعظم الله في قلوبنا؟
او ما فائدة الذكر إن قصرنا في عملنا؟
أعتقد أن علينا ان نخرج من إطار التدين "الشكلي" فقط إلى إطار التدين الفعلي بأن نحول الدين الإسلامي إلى منهج حياة نعايشه في كل لحظة من لحظات الحياة، فهو ليس مجرد صلاة وصوم وحجاب بل هو أعمق من مجرد حركات نقوم بها، وأجلّ من أن نحصره في إطار أبتدعناه له.
نعايشه في إتقاننا لعملنا، بكف أذانا عن الناس، بوعي السبب وراء العبادات ولماذا نقوم بها، وإن فعلنا ذلك وخرجنا من ذلك الإطار نعيد لأمتنا بعضاً من نهضتها...

فالعلم والمعرفة عبادة.
والخلق الحسن عبادة.
وكف الأذى عبادة.
والرفق بالأطفال عبادة.
والجهاد عبادة.
والإتقان عبادة.
وكظم الغيظ عبادة.
والكلمة الطيبة عبادة.
فإذا كان الصحابة يقومون بفتوحات في شهر رمضان بغض النظر عن حرارة الجو وطول النهر، فالأولى لنا أن ندعو الله أن يرزقنا فتوحات من عنده، فتوحات روحية، فتوحات عقلية، فتوحات فكرية، فتوحات قلبية، لنصل بها إلى حقيقة الإيمان، وحقيقة الدين.
لن أنتقد سلوكيات بحد ذاتها نقوم بها خلال أيام الشهر الفضيل، ولكن كل ما أرجوه أن نوسِعَ مداركنا لعلنا ننال بعض هذا الدين ببركة هذا الشهر الفضيل.
أن لا نكتفي بالصلاة والصيام والذكر -على أهميتهم- بل نرقى بأرواحنا وقلوبنا وعقولنا ونرنو إلى حقيقة الدين الإسلامي.