الأحد، 18 يونيو 2017

الاحتلال وتشكيل الوعي 1



الخبر وما وراء الخبر
قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي الخاصة اليوم باقتحام المسجد الأقصى المبارك وإغلاق المصلى القبلي على المصلين وإطلاق النار عليهم، بل تعدت ذلك وقامت بإخراج المصلين منه.
فعلياً هذا هو الخبر الذي تصدر الصفحات اليوم إلا أن لهذا الخبر ما وراءه

فماذا يعني اقتحام القوات الإسرائيلية الخاصة للمسجد الأقصى؟
وماذا يعني القيام بهذا الفعل في العشر الأواخر من رمضان في صباح أحد الليالي الفردية؟

اقتحام أحد أقدس الأماكن الإسلامية في أقدس أشهر العبادة لدى المسلمين في أحد أقدس ليالي هذا الشهر المقدس…
في ظل محاولات الاحتلال الإسرائيلي إلى فرض التقسيم الزماني على المسجد الأقصى ليكون هناك أوقات متساوية للعبادة فيه للمسلمين واليهود، وتفريغه للعبادة للمسلمين في أيامهم الدينية ولليهود في أيامهم الدينية، نجد ذلك جلياً في شهر رمضان المبارك، إذ يقوم الاحتلال الإسرائيلي بإعطاء المسلمين من الضفة الغربية التصاريح للدخول إلى المسجد الأقصى في أيام يحددها هو في التصريح، ويجعل الدخول للرجال فوق الأربعين عاماً وللنساء متاح دوماً، بل يتسامح  الاحتلال مع المسلمين ليسهل وصولهم إلى المسجد الأقصى.
في المقابل يحاول الاحتلال تفريغ المسجد بشكل تام من المصلين والمعتكفين فيه ليسمح للمستوطنيين "اليهود" الصلاة فيه واقتحام المسجد  في محاولة منه لتأصيل مفهوم التقسيم الزماني، ويكون ذلك في أوقات هو من يقررها ويحددها.
ونرى ذلك جلياً فيما حدث صباح اليوم، فهي رسالة غير مباشرة من الاحتلال مضمونها أنه المسؤول عن إدارة المسجد وأنه من يقرر من يدخل ومتى؟
ولو اضطر لاستخدام القوة لتفريغ المسجد من المسلمين ليدخل إليه اليهود ليقوموا بصلواتهم فسيفعل ذلك.
إلا أن الحقيقة التي لم يستطع الاحتلال ترسيخها، أنه لم يستطع أن يجعل ذلك أمراً واقعاً فهو لا يزال يضطر إلى استخدام قواته الخاصة لإخراج المسملين منه، وإثبات حق اليهود بوقت للصلاة فيه، ويحاول ترسيخ هذه الفكرة في أقدس أماكننا في أقدس أشهرنا في أقدس أيامنا، ليثبت أنه صاحب القرار على أرض المسجد.

ماذا يريد الإعلام لنا أن نرى؟

هو ببساطة يريد أن نرى أن المصلين في المسجد الأقصى في وقت صلاة اليهود قد ضربوا وسالت دمائهم وقد يكون منهم من اعتقل، ومنهم من أُخرج من المسجد بالقوة.
كما يريد أن نرى المسجد الأقصى المبارك وكأنه ساحة حرب.

وماذا يعني أن نرى ذلك؟

يعني أن يفكر أحدنا ألف مرة قبل الذهاب إلى المسجد في أوقات صلاة اليهود، والاكتفاء بالتواجد في الأوقات التي يسمح لنا الاحتلال فيها أن نصلي، وفي حال قررت قوات الاحتلال تفريغ المسجد أن نخرج منه دون مقاومة.
ويعني أن من يريد الاعتكاف في المسجد أن يفكر بعواقب سلوكه لأنه لن يحظى بالهدوء والسكينة التي يريدها في المسجد الأقصى، بل عوضاً عنها هناك أشبه بساحة حرب، قد يتضرر جسدياً ونفسياً وروحياً من ورائها.
ويعني أن يمنع الآباء والأمهات شبابهم وفتياتهم من الذهاب إلى المسجد للاعتكاف فيه والرباط فيه، لأن هناك ثمناً ستدفعه العائلة كاملة.

وماذا يعني أن نعي ذلك؟
يعني أن نكون شركاء في تقسيم المسجد زمانياً بل وتأصيل هذا المفهوم، إذ يصبح المسجد بطبيعة الحال فارغاً من المسلمين في أوقات صلاة اليهود، فلا يحتاج الاحتلال إلى أن يفرغ المسجد أو أن يستخدم القوة، وبذلك نسهل المهمة على المحتل.

ماذا نريد؟

قد تكون أهم حاجاتنا في الوقت الحاضر هو إعلاميين محترفين يحملون قضية المسجد الأقصى والقدس، ويعون تمام الوعي كيف تنقل الصورة وماذا تعني، وهذا ما يقوم به عدونا ليستطيع أن يشكل وعينا، فدون ذلك، ستبقى صور الهزيمة والانكسار هي التي تسيطر على شاشاتنا ومما يعني أننا أصبحنا بشكل واعي أو غير واعي، نميل إلى الفعل المستكين بدل الفعل المقاوم.
نريد من ينقل لنا صورةً والخبر بطريقة تعزز لنا الفعل المقاوم لا تقضي عليه، أن يتشكل في أذهاننا أن "المقاومة" هو فعل واجب نفخر به وندفع بأنفسنا وأبنائنا إليه، لأنه لاحقاً سيشكل مستقبلنا، لأن المقاومة فعل حرية وكرامة.
فالمحتل اليوم هو من يقرر متى ندخل مسجدنا، ومتى نخرج منه، ومن يسمح له بالدخول ومن لا يسمح له، ومتى تفتح أبوابه ومتى تغلق.

في الوقت أن المسجد الأقصى هو مقدس إسلامي خالص لا يشارك أحد من المسلمين فيه أي حق، سواء كان حق ديني أو تاريخي أو قانوني أو سياسي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق