الجمعة، 6 مارس 2015

حين يجمعنا الفراق

"أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ"
عجيبٌ أن ترد هذه الآية في آيات الطلاق، ولكنها تحوي حقيقةً في طياتها منهج حياة...

عد بذاكرتك إلى ذلك اليوم الذي دخلت فيه ذلك المكان (سواء مكان عمل أو بيت صديق أو بيت فتاة تريد خطبتها) أنظر إلى نفسك في تلك اللحظة يعلو وجهك قليلٌ من الخجل، كثيرٌ من الرهبة، تريد أن تحظى بقبول واستحسان أصحاب المكان لتحظى بذلك العمل أو تلك الفتاة أو بذلك الشخص صديقاً.
وتسير الأمور كما تريد وربما أفضل... وتحظى بما كنت تريده حقاً... انظر إلى وجهك مرة أخرى والسعادة قد ارتسمت عليه..
تمرُّ الايام... تعرفهم أكثر وتعرف المزيد من الأسرار..
ويحدث انك لا تحظى بالنهاية السعيدة التي قد رسمتها سابقاً.. فتضطر لتركهم أو إنهاء العلاقة بينك وبينهم...
ولكن كل منكم يعلم عن الآخر ما يجب وقد يعلم ما لا يجب أن يعلمه... وتحين لحظة الفراق... فبدلاً من أن نترك القلوب وقد علق ما فيها من ذكريات حبٍ جميلة... نبدأ بجرحها والتكلم عن سيئاتها وتجريح ذلك الإنسان وربما طعنهم في ظهورهم ظناً منا أننا ننتقم منهم ولا نعلم حقيقةً أننا ننتقم من أنفسنا...
وهُم قد أعطونا من قلوبهم حباً وفرحاً، ومن أرواحهم علماً وأملاً... حتى أننا لم نعد اليوم كأول يوم قابلناهم فيه... ويكفي أنهم صنعو لنا صوراً من ذكريات جميلة... وأيامٍ لن ننساها... مرت بحلوها ومرِّها..
فهل نصل من الظلم على أنفسنا أن نكسر قلوبهم وأن نعض اليد التي احتضناها يوماً؟!

نعم "أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ"
رددها مراراً وتكراراً "أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ"
هل يستحقون منك كل ذلك... أم يكفي أن تغادرهم والحب والذكريات الجميلة تملأ قلبك وقلوبهم؟؟
"أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ" اتخذها منهجاً حتى ترى الحب والجمال بقلبك قبل عدوك...

انظر إلى وجهك الآن وقد غادرتهم والرضا يملأ روحك... والحب يملأ قلوبهم...
وقد غاردتهم وكلٌّ منكم سعيد بالنهاية الراقية كتلك التي ابتدأتم بها المشوار...

"أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ"  منهج حياة يجعل واقعنا وماضينا ذو رونقٍ أبهى..

الجمعة، 13 فبراير 2015

جَميلٌ بطفولته، رديءُ بطبيعته

بصوته الرديء بطبيعته، الجميل بطفولته، كان يغني لي كلما دخلت غرفته "عبر عن نفسك.. قول الي بنفسك"
ولا يمل ولا يكل من ترديدها بل أنه قد يرفع صوته أحياناً لظنه أنني لم أسمعه...

العجيب أنني طالما سمعتها بأذناي رغم انخفاض صوته أحياناً... إلا أنني حديثاً بدأت أدركها وأرددها كما كان يفعل معي..
تارةً بصوت منخفض وتارةً أخرى أرفع صوتي بها... وها أنا أصوغها كلمات...

عجيب أمرنا نحن بنو البشر... نملك من المشاعر ما يميزنا عن باقي المخلوقات من حب وحنان ورحمة وألفة و وِدّ...
وتلك المشاعر كفيلة بأن تجعلنا سعداء... نعيش الحياة ببساطتها في راحة وهناء...
نملك القلب والروح.. نملك مركز الإحساس.. نملك الإنسان بكل مشاعره الجميلة...
فلماذا نجعل تلك المشاعر حبيستنا ولا نملأ الأرض فيها حباً وحياة؟؟
هل ترانا وهبنا عُمران؟؟ عُمرٌ نعيشه لنضيع مَن نُحب وعُمرٌ آخر نعيشه مع من نُحب؟؟
أم ترانا وُهبنا حياتان؟؟ حياةٌ نضيع فيها الحب وحياةٌ نجد فيها المحبوب؟؟

ذكراً كنتَ أم أنثى... كبيراً أم صغيراً... عربياً أم أعجمياً... لا فرق

فالحب واحد... ولا تسستحق الحياة أن نعيشها بألم الفراق ولوعة الشوق...

لقد وهبنا حياةً واحدة وعمرٌ واحد ومحبوبٌ ملأَ القلب فرحاً وسعادة... 
ونختار بملإ إرادتنا أن نعيشها بعيداً عنه...
لأن كلاً منا ينتظر الآخر أو تحت أعذار وحواجز فرضها المجتمع علينا كـ

" أنت فتاة.. يجب أن يبادر هو"
وهل زوجة موسى حين قالت لأبيها "يأبت استئجره" كانت مخطئة؟؟
أم أن خديجة حين أرسلت جاريتها إلى أشرف الخلق تريده زوجاً أخطئت؟؟
لم تخطئ أياً منهما وجارَ علينا المجتمع حين قال أن عليه أن يبادر وحين علّمَه أن لا يحترمها إن بادرت..
لم تكن أياً منهما رخيصة بل كانت من أشرف النساء... وعلمت أن هذا الرجل هو من سيصونها فاختارته زوجاً وعبرت عن حبها بطريقتها...

بل وصل فينا تقييد المشاعر إلى أن يخجل الأب/ الأم أن يحضن أبنائه.. أو أن يقبلهم هكذا دون سبب يذكر، أن يرسل إليهم رسالة محبة أو أن يهمس في آذانهم بأنني "أحبك"
ويكأن التعبير عن المشاعر أصبح جريمة نحاسب عليها...

وأصبح الشاب ضحيةً أخرى من ضحايا المجتمع.. فقبل أن تفكر بالحب...
أين المهر؟؟ وأين البيت؟؟ وأين السيارة؟؟ ومن أين ستأتي لها بالهدايا؟؟
والافضل لك أعني "الأوفر" لك أن تعبث بمشاعر فتاةٍ في مقتبل العمر...

لن نعيش عُمران ولا حياتان ولا حتى دهران....
اذاً لنعيش الحياة كما نحب... مع مَن نحب.. لنخبرهم بأننا نحبهم...
لنعبر عن حبنا بطريقتنا الخاصة... بحضنٍ دافئ... بقبلةٍ صغيرة... بهديةٍ بسيطة...
بأن نتشارك أحلامنا، همومنا وأمانينا...
بكأسِ شايٍّ ساخن يعيد إلى أرواحنا وقلوبنا دفئ الحب...
لنعيش الحياة بجنونا... بفطرتنا... بكل الحب الذي وضعه الله في قلوبنا...
مانحتاجه لحلّ جميع مشاكلنا حقاً هو "الحب"... وأن نعبر عن ذلك "الحب"

في يومٍ من الأيام سنتحول إلى ذكريات... فلتكن ذكرانا الحب...

http://youtu.be/ItwOHDzA8mE

الاثنين، 9 فبراير 2015

بحثاً عني

عجيبٌ هو أمرُ هذهِ الحياة تأخذنا من شاطئ لترمينا في أعماق المحيطات.. فلا نلبث أن نجد أنفسنا غرقى... محاطين بالماء من كل جانب..
نحاول أن ننجو ونعلم أن لا طاقة لنا بالنجاة ما لم يرافقنا "الله" ويحيطنا برعايته..
فنبدأ بحثاً عن أنفسنا لعلنا نجد "الله"...
تبدأ الرحلة وكم هي صعبة قاسية والأمواج تلاطمك من كل مكان، ولا تكف كائنات البحر عن تثبيطك ووصفك بالابله، ولا يعلمون أنك في طريقك إليك...
وتستمر الرحلة وداخلك تريد فقط أن تصل إليه أن تشعر بوجوده ها هنا بقربك في كل وقت ومكان... تريد أن تسلم له بكلك... تريد أن تكون نفسك "العزيزة" مستسملة له ولإرادته...
يعلم هو تمام العلم بأن "الألم" قد يشكل نقطة تحول فارقة فيك، قد يقودك إلى الكفر المحض أو الإيمان المطلق، فتجد نفسك في عاصفة من الألم، تغوص في أعماق روحك، تصرخ روحك بأنني قد جئت بحثاً عنك فلا تفقدني ما لدي، تريد أن تبكي وأن تصرخ بصوت عالٍ بأنني أريدك معي ها هنا...
وحاشاه.. حاشاه أن يردك عن بابه وقد جئته طارقاً بشغف... فيملأ روحك وقلبك يقيناً بأنني ها هنا فقم إلى ما جئت إليه...
 تراه في كل مكان... في نبع ماءِ خرج في أعماق الصحراء.. حيث لا تتوقع وجود كائنات أصلاً.. إلا أنه هو الخالق وهو يعلم أين خلقه ويعلم ما يحتاجه الخلق فييسره لهم...

"إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ"


وتتجلى تلك اللوحة أمام ناظريك... السماوات والأرض والجبال... وأنت "الإنسان"...
ويقول لك أنت أعلى من السماء, أكثر خضرة من الأرض وأشد ثباتاً من الجبال، وتضيف اللوحة بحراً على امتداد البصر يخبرك بأن الحياة مليئة بالأسرار وستتعلم الكثير...
فامضِ لما خلقت له...
هل تُراه خلقنا ليعذبنا؟؟ حاشاه حاشاه...
ابحث عنه فيك.. في خلقه.. فيما خلق حولك..
ابحث عنه بقلبك وروحك وعقلك...
ابحث عنه بيقين وحبً وأمل... واعلم أنه لم ولن يكون يوماً في السماء فقط... ولم ولن يكون في وقت دون آخر..
وإنما هو معكل في كل مكان وزمان... لا يفارقك ولا يدعك وحدك..
لم تنتهي الرحلة بعد وستستمر ما استمر وجودي...

وفي يوم من الأيام سأصل إلي حيث سأجد "الله"